كتاب رياض النفوس في طبقات علماء القيروان وإفريقية

ثم كانت سنة سبع وتسعين ومائتين - ١٧١ - أبو يوسف جبلة بن حمود بن عبد الرحمن (¬*) - ج: 2 - ص: 29

وكان (٢٠) سحنون إذا رأى جبلة مقبلا يقول: إن عاش هذا الشاب فسيكون (٢١) له نبأ (٢٢) وهو أزهد أهل زمانه.

قال (٢٣) أبو محمد عبد الله بن سعد (٢٤): ما سمعته قط‍ يذكر الدنيا بمدح ولا ذم.

قلت (٢٥) لسعيد بن الحداد: ذكر لي أن جبلة كان ينام على زنبيل وقطعة (٢٦) نطع وطوبة عند رأسه فوقها وسادة. قال: فقال لي سعيد: هو فوق ما تصف وكرّر (٢٧) ذلك ثلاث مرات.

قال (٢٨) أبو محمد: وكان جبلة لا يحب ما ظهر من الأعمال وكانت أعماله كلها خفية ما خلا الزهد فإنه كان يظهر عليه.

وعن (٢٩) أبي محمد عبد الله بن سعد قال: كان جبلة بن حمود من أفضل رجال سحنون قد علاهم بالزهد ورأيته وسمعت منه: وكان أول شأنه أنه لما نشأ لأبويه وتعلم كتاب الله عزّ وجلّ حبّبت إليه دار سحنون فكان يختلف إليه ويسمع منه. وكان (أبوه) (٣٠) يقول بقول أهل العراق ويصحب السلطان، فأراد يوما الخروج إلى دار سحنون فأخذ أبوه طاشيره (فرفعه) (٣٠) لئلا يمضي إلى دار سحنون، فأخذ جبلة مقنعة (٣١) أمه فتردّى بها ومضى (٣٢)، فلما رآه سحنون [قال

---

(٢٠) الخبر في المدارك ٣٧١: ٤ والمعالم ٢٧١: ٢.
(٢١) في الأصلين: سيكون وفي المعالم: لقد يكون، والمثبت من المدارك.
(٢٢) في (ب): شأن، وكتب الناسخ مقابلها في الهامش: «ويروى: سيكون له نبأ»
(٢٣) الخبر في المعالم ٢٧١: ٢
(٢٤) في (ق): بن سعيد والمثبت من (ب) والمعالم. وهو أبو محمد عبد الله بن سعد الصائغ المعروف بابن التفاحي، ترجم له الدباغ في المعالم ١٢١: ٣ وذكر أنه لقي جماعة من أصحاب سحنون منهم جبلة ابن جمّود. توفي سنة ٣٧٠.
(٢٥) الخبر في المدارك ٣٧٣: ٤ رواية عن بعضهم، والقائل في نص الرياض هو أبو محمّد عبد الله بن سعد.
(٢٦) في المدارك: قطع
(٢٧) في (ق): وذكر، والمثبت من (ب)
(٢٨) الخبر في المدارك ٣٧٣: ٤
(٢٩) الخبر في المدارك ٣٧٢: ٤، باختصار وتصرف
(٣٠) سقطت من (ب)
(٣١) بكسر الميم، ما تقنّع به المرأة رأسها (القاموس: قنع)
(٣٢) في (ق): ومضى بها