[الكلمة الرابعة والأربعون: سيرة طلحة بن عبيد الله]
الحمد للَّه، والصلاة والسلام على رسول اللَّه، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فهذه مقتطفات من سيرة علم من أعلام هذه الأمة، وبطل من أبطالها: صحابي من أصحاب النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نقتبس من سيرته العطرة الدروس والعبر، هذا الصحابي شهد المشاهد كلها مع رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عدا غزوة بدر، فقد غاب عنها لعارض ما، فضرب له النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أجر رجل ممن شهد بدرًا وسهمه؛ وكان من السابقين إلى الإسلام، فهو أحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وقد اشتهر بالفروسية والشجاعة، وأبلى في معركة أحد بلاء عظيمًا، حتى إن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:«أَوجَبَ» - يعني وجبت له الجنة -، وكان أبو بكر رضي اللهُ عنه إذا ذكر يوم أحد يقول: هذا اليوم كله لفلان - يعني طلحة -؛ ولما قدم النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينة، آخى بينه وبين أبي أيوب الأنصاري، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة الذين توفي النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو عنهم راض.
إنه فارس الإسلام: طلحة بن عبيد اللَّه بن عثمان القرشي التيمِي، ويكنى أبا محمد، ويعرف بطلحة الخير، وطلحة الفياض، لكرمه وجوده؛ وصفه ابنه موسى فقال: كان أبي أبيض يضرب إلى الحمرة،