الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد ..
فإن الفتوى في الإسلام لها أهمية عظيمة لأنها إخبار عن الله، أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم بأن الله أو رسوله أحلَّ كذا، أو حرَّم كذا، ولأن القول على الله بغير علم من الكذب على الله - سبحانه وتعالى -: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُون}[الأعراف: ٢٣].
وقد عرف العلماء الفتوى بأنها بيان الحكم الشرعي من غير إلزام، فالمفتي يترك العمل بالفتوى، أو عدم العمل بها لما يكون من ورع المستفتي وتقواه فلا يُسْأَلُ عن ذلك، «والفتوى مكانها عند الله عظيم، تولاها الله بنفسه في قوله تعالى:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ}[النساء: ١٧٦]. وقال تعالى:{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ}[النساء: ١٢٧].
وتولاها الرسول صلى الله عليه وسلم فكان المسلمون يسألونه صلى الله عليه وسلم ويفتيهم ثم بعد ذلك تولاها العلماء الذين هم ورثة الأنبياء بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وكان عمر بن الخطاب إذا عرضت مشكلة، جمع لها المهاجرون والأنصار