الكلمة الثامنة عشرة: عصمة النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
الحمدُ للَّه، والصلاة والسلام على رسول اللَّه، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فإن سنة اللَّه في خلقه أن الرسل تبتلى ثم تكون لها العاقبة، قال تعالى: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِين (٣٤)} [الأنعام].
روى البخاري ومسلم من حديث عبد اللَّه بن عباس رضي اللهُ عنهما: أن هرقل ملك الروم، سأل أبا سفيان عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هل قاتلتموه؟ فقال: إن الحرب بيننا وبينه سجال، فقال هرقل: وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة (١).
ولقد لقي النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من أعدائه كثير الأذى وعظيم الشدة، منذ أن جهر بدعوته المباركة امتثالاً لقول اللَّه تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِين (٩٤)} [الحجر]، وقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}[المائدة: ٦٧].
وقد كان النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُحرس من قبل بعض أصحابه قبل نزول
(١) ص: ٢٣، برقم ٧، وصحيح مسلم ص: ٧٣٦، برقم ١٧٧٣، واللفظ له.