للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية الكريمة، روى البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: سَهِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَقْدَمَهُ الْمَدِينَةَ لَيْلَةً، فَقَالَ: «لَيْتَ رَجُلًا صَالِحًا مِنْ أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ»، قَالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ سَمِعْنَا خَشْخَشَةَ سِلَاحٍ، فَقَالَ: «مَنْ هَذَا؟ » قَالَ: سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «مَا جَاءَ بِكَ؟ » قَالَ: وَقَعَ فِي نَفْسِي خَوْفٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَجِئْتُ أَحْرُسُهُ، فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثُمَّ نَامَ، قالت عائشة رضي الله عنها: فنام رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى سمعت غطيطه (١) (٢).

وروى الترمذي في سننه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُحرس حتى نزلت هذه الآية: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}، قالت: فأخرج النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رأسه من القبة، فقال لهم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ انْصَرِفُوا فَقَدْ عَصَمَنِي اللَّهُ» (٣).

قال ابن كثير: ومن عصمة اللَّه لرسوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حفظه له من أهل مكة وصناديدها، وحسادها ومعانديها ومترفيها، مع شدة العداوة والبغضة، ونصب المحاربة له ليلًا ونهارًا، بما يخلقه اللَّه من الأسباب العظيمة بقدرته وحكمته العظيمة؛ فصانه في ابتداء الرسالة بعمه أبي طالب، إذ كان رئيسًا مطاعًا كبيرًا في قريش، وخلق اللَّه في قلبه محبة طبيعية لرسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا شرعية، ولو كان أسلم لاجترأ عليه كفارها وكبارها، ولكن لما كان بينه وبينهم قدر مشترك في الكفر


(١) الصوت الذي يخرج من النائم.
(٢) ص: ٥٥٥، برقم ٢٨٨٥، وصحيح مسلم ص: ٩٨١ - ٩٨٢، برقم ٢٤١٠. واللفظ له.
(٣) ص: ٤٨٥، برقم ٣٠٤٦، وصححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن الترمذي (٣/ ٤٦) برقم ٢٤٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>