الكلمة الثامنة والأربعون: غزوة بدر مشاهد وأحداث من أرض المعركة (١)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:
كان يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان من السنة الثانية للهجرة يوم بدر الأغر، اليوم الذي دارت فيه رحى الحرب بين حزب الله وحزب الشيطان، فحين أصبح النبي صلى اللهُ عليه وسلم وطلع الفجر نادى في أصحابه:«الصَّلَاةُ عِبَادَ اللَّهِ»، فصلى بهم صلاة الصبح، ثم حرَّضهم على القتال، وصف أصحابه صفوفاً، وألقى إليهم التوجيهات التي يلقيها القائد عادة إلى الجيش قبل اللقاء، بعد ذلك انصرف صلى اللهُ عليه وسلم إلى مقر القيادة، وهو العريش الذي بُني له، والذي يعتبر بمثابة غرفة العمليات اليوم، ينتظر إقبال جيش العدو، تاركاً له فرصة التفكير في مصير هذا اللقاء أو البدء بالقتال والبغي والاعتداء، حيث علم صلى اللهُ عليه وسلم أن البادي بالظلم مغلوب، وأن الباغي مهزوم، وأن المظلوم مُعان ومنصور (١).
وكان النبي صلى اللهُ عليه وسلم قبل ذلك أمر بالآبار التي حول بدر فدفنت، ثم
(١) قال أحد الصالحين لابنه يوصيه: لا تدعو أحداً للبراز، فإن الداعي باغ، والباغي مهزوم، وإذا دُعيت فأجب.