للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكلمة الخامسة والثمانون: نزول المطر]

الحمد للَّه والصلاة والسلام على رسول اللَّه وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:

فإن من فضل اللَّه ورحمته بعباده: نزول هذه الأمطار المباركة، قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيد (٩)} [ق]. وقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير (٣٩)} [فصلت: ٣٩].

قال ابن القيم رحمه الله: «ثم تأمل الحكمة البالغة في إنزاله بقدر الحاجة حتى إذا أخذت الأرض حاجتها منه - وكان تتابعه عليها بعد ذلك يضرها - أقلع عنها وأعقبه بالصحو فهما - أعني الصحو والتغييم - يعتقبان على العالم لما فيه صلاحه، ولو دام أحدهما كان فيه فساده، فلو توالت الأمطار لأهلكت ما على الأرض، ولو زادت على الحاجة أفسدت الحبوب والثمار، وعفنت الزروع والخضروات وأَرْخَت الأبدان وخثَّرت الهواء، فحدثت ضروب من الأمراض، وفسد أكثر المآكل وتقطعت المسالك والسبل، ولو دام الصحو لجفت الأبدان وغيض الماء، وانقطع معين العيون والآبار والأنهار والأودية وعظم الضرر، واحتدم الهواء، فيبس ما على الأرض، وجفت الأبدان،

<<  <  ج: ص:  >  >>