للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكلمة المئة وست وأربعون: معنى لا إله إلا الله]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:

فإن كلمة الإخلاص هي كلمة (لا إله إلا الله)؛ لأنها تعني إخلاص العبادة لله تعالى، وإفراده بها؛ لأن معناها: لا معبود حقًا إلا الله، وهي كلمة عظيمة، من أجلها أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب، وفي سبيل تحقيقها أمر الله المؤمنين بالجهاد، وجردت السيوف ورُكبت الجياد، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَاّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٢٥].

وكان كل رسول أول ما يدعو قومه إليها، فيقول كما قال تعالى: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [المؤمنون: ٢٣]، وقد كان الكفار الذين بعث فيهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - مقرون بأنه لا خالق إلا الله، كما قال تعالى عنهم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [الزخرف: ٨٧]، غير أن هذا الإقرار لا يكفي في تحقيق التوحيد، إذ لا بد من المعرفة والعلم المستلزم لإفراد الله بالعبادة وحده لا شريك له، وهذا ما أراده ربنا عز وجل، إذ يقول: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ} [محمد: ١٩]، ولقد فهم كفار قريش وغيرهم أن هذا هو المعنى الذي تضمنته هذه الكلمة العظيمة، فقالوا: {أَجَعَلَ الآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: ٥]، ومن المسلمين من يقول هذه الكلمة، ويصلي ويصوم ويحج ويتصدق ومع ذلك يصرف شيئًا

<<  <  ج: ص:  >  >>