للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٥٦].

روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قَامَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فِي صَلَاةِ، وَقُمْنَا مَعَهُ، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا، فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ لِلأَعْرَابِيِّ: «لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا» (١). يريد رحمة الله، يعني: ضيقت واسعًا على فضل الله سبحانه وجوده، وقلت ما ليس لك قوله، وسألت ما لا يحسن سؤاله، فإن السيول الدوافع قد تكف، والبحور الزواخر قد تقبض، ولكن فضل الله وجوده على خلقه لا يكف ولا يقبض ولا يقلع أبدًا (٢).

[ومن آثار الإيمان بهذين الاسمين العظيمين]

أولًا: أن رحمة الله تغلب غضبه، روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي» (٣).

قال ابن القيم -رحمه الله-: «وكان هذا الكتاب العظيم الشأن كالعهد منه سبحانه للخليقة كلها بالرحمة لهم، والعفو والصفح عنهم، والمغفرة والتجاوز والستر والإمهال والحلم والأناة، فكان قيام العالم العلوي والسفلي بمضمون هذا الكتاب، الذي


(١). صحيح البخاري برقم ٦٠١٠.
(٢). الإفصاح عن معاني الصحاح (٧/ ٢٩٣).
(٣). صحيح البخاري برقم ٣١٩٤، وصحيح مسلم برقم ٢٧٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>