الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد ..
فإن البركة ما حلت في قليل إلا كثر، ولا كثير إلا نفع، وكثرة الشيء لا تدل على خيريته، بل الخير في الشيء المبارك وإن كان قليلًا، فالمبارك وإن كان قليلًا في نظر العين فإنه أفضل من الكثير في نظر العين إذا لم يكن مباركًا، وإن الكثير ليعجب إلا أنهما لا يستويان، قال تعالى:{قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ}[المائدة: ١٠٠].
وهذه الحقائق العظيمة التي لا ينتفع بها إلا صاحب الفهم الثاقب، واليقين الصادق، فإن البركة في الوقت كثرة الأعمال الصالحة فيه، وفي العمل العمل به وتعميم نفعه، وفي المال كفايته والقناعة به، وفي الصحة تمامها وسلامتها، وفي الأولاد صلاحهم وبرَّهم، وفي الزوجة صلاحها وحسن تبعلها لزوجها، وتربيتها لأولادها، وطيب عشرتها، وحسن تدبيرها.
قال البخاري في صحيحه: باب بركة الغازي في ماله حيًّا وميتًا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وولاة الأمر، ثم ذكر حديثًا أن عبد الله بن الزبير قال: لما وقف أبي الزبير بن العوام يوم الجمل دعاني،