الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فإن المنهمك في الدنيا المكب على شهواتها وملذاتها يغفل قلبه عن ذكر الموت فلا يذكره، وإن ذكره كرهه ونفر منه، قال تعالى:{قُلْ إِنَّ المَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[الجمعة: ٨].
وأما العارف بربه، فإنه يذكر الموت دائمًا، أخذًا بوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما قال:«أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ - يعني الموت -»(١).
وروى ابن ماجه في سننه من حديث ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ؟ قَالَ:«أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا»، قَالَ: فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ؟ قَالَ: «أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ
(١) سنن الترمذي برقم (٢٣٠٧) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (٢/ ٢٦٦) برقم (١٨٧٧).