الحمد للَّه رب العالمين، وصلى اللَّه وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فمن سور القرآن العظيم التي تتكرر على أسماعنا، وتحتاج منا إلى تأمل وتدبر: سورة القارعة؛ قال تعالى: {الْقَارِعَة (١) مَا الْقَارِعَة (٢) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَة (٣) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوث (٤) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوش (٥) فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُه (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَة (٧) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُه (٨) فَأُمُّهُ هَاوِيَة (٩) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَه (١٠) نَارٌ حَامِيَة (١١)} [القارعة].
قوله تعالى: {الْقَارِعَة (١)}: المراد التي تفزع القلوب وتقرعها وذلك عند النفخ في الصور، كما قال تعالى: {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلَاّ مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِين (٨٧)} [النمل]. فهي تفزع القلوب بعد قرع الأسماع، وهذه القارعة قارعة عظيمة لا نظير لها قبل ذلك، وهي من أسماء يوم القيامة؛ كما تسمى الغاشية، والحاقة، والطامة الكبرى، والصاخة، وغيرها.
قوله تعالى: {مَا الْقَارِعَة (٢)}: استفهام بمعنى التعظيم