فهذه مقتطفات من سيرة علم من أعلام هذه الأمة وإمام من أئمة الهدى، جدَّد الله به الدين وقمع به البدعة، كان إمام الدنيا في زمانه، وأحد أذكياء العالم وأفراده في الحفظ والعلم والعمل، إنه شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن شهاب الدين عبد الحليم ابن مجد الدين أبي البركات عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الحرَّاني ابن تيمية وهو لقب لجده الأعلى، ولد في العاشر من ربيع الأول سنة (٦٦١ هـ)، والحرَّاني نسبة إلى بلدة مشهورة بين الشام والعراق، كان أبيض البشرة، ربعة من الرجال، بعيد ما بين المنكبين، قليل الشيب، شعره إلى شحمة أذنيه، كأن عينيه لسانان ناطقان، جهوري الصوت، فصيحًا، سريع القراءة، إليه كان المنتهى في فرط الشجاعة، والسماحة، حفظ القرآن وهو في الصغر، وأتقن علم الشريعة والعربية والمنطق وغيرها، ولم يتزوج ولا تَسَرَّى، لا رغبة عن النكاح، فهو سنة النبي صلى اللهُ عليه وسلم وإنما انشغالًا بالعلم والتعليم