للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكلمة السابعة عشرة: فضل العشر الأواخر من رمضان]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد:

فقد كان هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه العشر الأواخر أنه يجتهد فيها ما لا يجتهد في بقية الشهر، روى مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ» (١).

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديثها رضي الله عنها: «أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ: أَحْيَا اللَّيْلَ، وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ» (٢).

أحيا ليله أي بالصلاة والذكر والدعاء، وأيقظ أهله أي أيقظهم من نومهم ليجتهدوا في الصلاة والذكر والتضرع إلى الله تعالى، وهذه السنة قد لا ينتبه لها بعض المسلمين، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: ٦].

أما شد المئزر فقد قال كثير من أهل العلم: إنه كناية عن اعتزال النساء والتفرغ للعبادة، ولذلك كان - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في هذه العشر في المسجد، وينقطع عن الدنيا ويخلو بربه يدعوه ويناجيه ويسأله ويتضرع إليه.


(١) صحيح مسلم برقم (١١٧٥).
(٢) صحيح البخاري برقم (٢٠٢٤)، وصحيح مسلم برقم (١١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>