للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكلمة الحادية والأربعون: وقفة مع حديث وفاة أبي طالب]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأشهد أن لا إِله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أَن محمدًا عبده ورسوله وبعد:

عن سعيد بن المسيب عن أبيه - رضي الله عنه - قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوجد عنده أبا جهل وعبد الله ابن أبي أمية بن المغيرة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا عَمِّ، قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ» فقال أبو جهل وعبد الله ابن أبي أمية: يا أبا طالب، أترغبُ عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرضها عليه، ويُعيدُ له تلك المقالة، حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَمَا وَاللهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ، مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ» فأنزل الله عز وجل: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ} [التوبة: ١١٣]، وأنزل الله تعالى في أبي طالب فقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ} [القصص: ٥٦] (١).

وفي رواية أنه قال: لولا أن تعيرني قريش يقولون إنما حمله على


(١) صحيح البخاري برقم (٣٨٨٤)، وصحيح مسلم برقم (٢٤) واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>