الكلمة الثانية: تأملات في قوله تعالى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا}[الفجر: ٢١]
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:
فإن الله أنزل هذا القرآن العظيم لتدبره والعمل به، قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤)} [محمد: ٢٤]. وعملاً بالآية الكريمة لنستمع إلى آية من كتاب الله ونتدبر ما فيها من العظات والعبر، قال تعالى: {كَلَاّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١) وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (٢٣) يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (٢٤) فَيَوْمَئِذٍ لَاّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَد (٢٥) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَد (٢٥) يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّة (٢٦) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّة (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّة (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي (٣٠)} [لفجر: ٢١ - ٣٠].
قوله تعالى: {كَلَاّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١)} يخبر تعالى عما يقع يوم القيامة من الأهوال العظيمة، فيقول:{كَلَاّ} أي: حقاً {إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا} أي: وطئت ومهدت وسويت الأرض والجبال، قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (١٠٥)} [طه: ١٠٥]. وقوله تعالى: {وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)} أي وقام الخلائق من قبورهم لربهم وجاء ربك يعني لفصل القضاء بين خلقه، وذلك بعد ما يستشفعون إليه بسيد ولد آدم على الإطلاق محمد صلى اللهُ عليه وسلم بعد ما يسألون أولي العزم