للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الرسل واحداً بعد واحد، فكلهم يقول: لست بصاحب ذلك حتى تنتهي النوبة إلى محمد صلى اللهُ عليه وسلم فيقول: أنا لها، فيذهب فيشفع عند الله ثم يجيء الرب تعالى لفصل القضاء كما يشاء والملائكة يجيئون بين يديه صفوفاً (١)، فيا له من موقف عظيم كما قال تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاء بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنزِيلاً (٢٥) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (٢٦)} [الفرقان: ٢٥ - ٢٦].

قوله تعالى: {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود رضي اللهُ عنه قال: قال النبي صلى اللهُ عليه وسلم: «يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا» (٢).

وقوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ} أي: عمله وما كان أسلفه في قديم الدهر وحديثه، {وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى}: أي: وكيف تنفعه الذكرى، يقول نادماً: {يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}: أي: يندم على ما كان سلف منه من المعاصي إن كان عاصياً، كما قال تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (٢٧) يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلاً (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً (٢٩)} [الفرقان: ٢٧ - ٢٩]. وقال تعالى: {إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا (٤٠)} [النبأ: ٤٠].

أما إذا كان طائعاً فإنه يود لو ازداد من الطاعات، روى الإمام


(١) الحديث مخرج في الصحيحين أخرجه البخاري برقم ٣٣٤٠؛ ومسلم في صحيحه برقم ١٩٤.
(٢) برقم ٢٨٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>