الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فإن من الأخلاق الجميلة التي وصف الله بها أنبياءه وعباده المؤمنين الأمانة. ... فوصف بها موسى عليه السلام في قوله تعالى:{إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَاجَرْتَ القَوِيُّ الأَمِينُ}[القصص: ٢٦]. ووصف بها يوسف عليه السلام في قوله تعالى:{وَقَالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ اليَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ}[يوسف: ٥٤].
وكذلك غيرهما من الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، حيث كان كل واحد منهم يقيم الحجة على قومه بوجوب طاعته؛ لأن الله ائتمنه على رسالته، كما في قوله تعالى:{إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ}[الشعراء: ١٠٧، ١٠٨].
ورسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - كان في قومه قبل الرسالة وبعدها مشهورًا بينهم بأنه الأمين، فكان الناس يختارونه لحفظ ودائعهم، ولما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - وكَّل عليًّا رد الودائع إلى أصحابها، وجبريل عليه السلام أمين الوحي، قد وصفه الله بذلك في قوله سبحانه:{وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنْذِرِينَ}[الشعراء: ١٩٢ - ١٩٤].
روى البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: