الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فإن من أنفس القرب، وأجل الطاعات، وأعلاها منزلة، وأعظمها بركة، وأعمها نفعًا في الدنيا والآخرة، صلة الأرحام، والأرحام هم أقارب الرجل نفسه، كأمه وأبيه، وابنه، وابنته، وأخته، وأخيه، وكل من كان بينه وبينه صلة من قبل أبيه، أو أمه، أو ابنه، أو ابنته، ولا يدخل في ذلك أقارب الزوج أو الزوجة، فهؤلاء يحسن إليهم، لكن ليسوا أرحامًا، وإنما هم أصهار، قال تعالى:{وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[الأنفال: ٧٥].
وقد أوصى الله تعالى بصلة الأرحام: وجعل الوصية بصلة الأرحام قرينة الوصية بالتقوى، قال تعالى:{وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[النساء: ١].
أي اتقوا الله بفعل طاعته، وترك معصيته، واتقوا الأرحام أن تقطعوها، لكن صلوها وبروها كما قال ابن عباس وغير واحد من السلف.