الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد:
فإنّ الله سبحانه وتعالى من فضله ورحمته بعباده يسّر عليهم فعل الطاعات في هذا الشهر، وقواهم عليها وأعانهم على ترك المعاصي والشهوات، ولذا يكون من إقبال القلوب على الخير في هذا الشهر ما لا يكون في غيره، روى الترمذي في سننه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:«إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ»(١).
وإن مطالبة النفس بأن تقوم في غير رمضان بما تقوم به في رمضان مطلبٌ صعبٌ، لأن الأسباب الموجبة لذلك في رمضان لا تتوفر في غيره، ولكن ينبغي التنبه لأمرين:
الأول: أن البعض من الناس إذا خرج رمضان عاد إلى ما كان عليه قبله، من ترك بعض الفرائض والواجبات، أو ارتكاب بعض المعاصي والسيئات، وهذه وإن كان إثمُها في رمضان أعظم، إلا أنه لا يسقط الإِثم
(١) سنن الترمذي برقم (٦٨٢) وأصله في الصحيحين، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (١/ ٢٠٩) برقم (٥٤٩).