الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد:
روى الحاكم في المستدرك من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: جَاءَ جِبْرِيلُ عليه السلام إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَأَحْبِبْ مَنْ أَحبَبْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجزِيٌّ بِهِ. ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ! شَرَفَ الْمُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ، وَعِزُّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ»(١).
هذا الحديث الشريف اشتمل على وصايا عظيمة وجمل نافعة، من هذا الملك الكريم جبريلَ عليه السلام، ينبغي أن نقف عندها وقفة تأمُّل وتدبُّر.
فقوله: عش ما شئت: أي مهما طال عمرك في هذه الحياة فإن الموت نهاية كل حي ومصيره، كما قال تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَاّ مَتَاعُ الغُرُورِ}[آل عمران: ١٨٥]، وقال تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ
(١) مستدرك الحاكم (٥/ ٤٦٣) برقم (٧٩٩١)، وقال المنذري في كتابه الترغيب والترهيب (١/ ٤٨٥): رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الجامع الصغير برقم (٧٣).