الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد ..
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ، بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ»(١).
هذا الحديث الشريف شرحه الحافظ ابن رجب في رسالة لطيفة بعنوان (ذم المال والجاه)، وقد نقلت من كلامه ما تيسر لي في هذه الكلمة.
فهذا مثل عظيم جدًّا ضربه النبي صلى الله عليه وسلم لفساد دين المؤمن بالحرص على المال والشرف في الدنيا، وأن فساد الدين بذلك ليس بدون فساد الغنم بذئبين ضاريين باتا في الغنم قد غاب عنها رعاتها ليلًا، فهما يأكلان الغنم ويفترسانها، ومعلوم أنه لا ينجو من الغنم من إفساد الذئبين المذكورين والحالة هذه قليل.
فهذا المثل العظيم يتضمن غاية التحذير من شر الحرص على المال والشرف في الدنيا.
والحرص على المال نوعان: أحدهما: شدة محبة المال مع شدة
(١) (٢٥/ ٦٢) برقم ١٥٧٨٤، وقال محققوه: إسناده صحيح.