الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فإن من أعظم نعم الله على عباده نعمة الهداية لهذا الدين، قال تعالى عن الأعراب:{يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[الحجرات: ١٧]، وقال تعالى ممتنًّا على نبيه بهذه النعمة:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ وَلَا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الشورى: ٥٢]، وقال تعالى:{وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى}[الضحى: ٧]. وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للأنصار:«أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَاّلاً فَهَدَاكُمُ اللهُ بِي؟ ! »(١). وامتن الله على أهل الجنة بهذه النعمة، فقال سبحانه:{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُوا الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللهُ}[الأعراف: ٤٣]. والهداية على قسمين:
١ - هداية الدلالة والإرشاد والبلاغ، وهي المذكورة في قوله تعالى:{وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}[الرعد: ٧]، وفي قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي
(١) صحيح البخاري برقم (٤٣٣٠)، وصحيح مسلم برقم (١٠٦١).