للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكلمة الرابعة والتسعون: علاج الهموم والغموم]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:

فإن المؤمن لا تخلو حياته من الهموم والأحزان التي تكدر عليه عيشته، وتنغص عليه لذته، ومع ما في ذلك من تكفير للسيئات، ورفع للدرجات، فإن فيها فوائد أخرى، من أهمها أنها تدفع المؤمن للجوء إلى الله، والانكسار بين يديه، والتضرع إليه، فيحصل بذلك للقلب من الراحة والطمأنينة، واستشعار القرب من الله عز وجل ما لا يمكن وصفه.

وأيضًا فإن هذه المنغصات تجعل المؤمن يعرف حقارة الدنيا، فيزهد فيها، ولا يركن إليها، ويقبل على الآخرة على بصيرة بأنها خير وأبقى، إذ لا هم فيها ولا حزن، كما قال سبحانه: {وَقَالُوا الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ المُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} [فاطر: ٣٤ - ٣٥]، فما أعظم هذه الفائدة لمن عرف حكمة الله تعالى فيها! وهذه بعض الأسباب التي تُدفعُ بها الهموم والغموم والأحزان والمصائب لمن أحسن استعمالها.

أولاً: الإيمان والعمل الصالح، قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: ٩٧]، وهذا وعد من الله لمن آمن

<<  <  ج: ص:  >  >>