للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلمة الثانية والثلاثون: فوائد من قوله تعالى {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف: ٢٨] إلخ.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد:

روى مسلم في صحيحه من حديث سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سِتَّةَ نَفَرٍ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: اطْرُدْ هَؤُلَاءِ لَا يَجْتَرِؤُونَ عَلَيْنَا، قَالَ: وَكُنْتُ أَنَا وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ، وَبِلَالٌ، وَرَجُلَانِ نَسِيتُ اسمَيهِمَا، فَوَقَعَ فِي نَفْسِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقَعَ، فَحَدَّثَ نَفْسَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: ٥٢] (١).

يأمر الله تعالى نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - والأمر عام له ولأمته - بلزوم الصالحين، ومصابرة النفس على مصاحبتهم، والبقاء معهم، خصوصًا الفقراء منهم والضعفاء، فالآية نزلت فيهم، والمكث معهم أبعد عن مظاهر الدنيا، وفتنتها، ثم ذكر أهم صفاتهم، وهي شغل أوقاتهم بالعبادة بحسب الأحوال، لا يريدون بذلك رياء ولا سمعة، ولا ليقال: فلان قارئ أو عابد، أو عرضًا من الدنيا زائل، إِنما يريدون بذلك


(١) صحيح مسلم برقم (٢٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>