الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد ..
«فلا زال الكلام على الفوائد من قصة نبي الله يوسف - عليه السلام -، فمن ذلك: أن العلم والعقل الصحيح يدعوان صاحبهما إلى الخير، وينهيانه عن الشر، وأن الجهل يدعو صاحبه إلى ضد ذلك لقوله: {أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٣٣)} [يوسف:٣٣]. أي: الجاهلين بالأمور الدينية، والجاهلين بالحقائق النافعة والحقائق الضارة.
ومنها: أنه كما على العبد عبودية لربه في حال رخائه، فعليه عبودية في حال الشدة؛ فيوسف - عليه السلام - لم يزل يدعو إلى الله، فلما دخل السجن استمر على ذلك، ودعا من يتصل به من أهل السجن، ودعا الفتيين إلى التوحيد، ونهاهما عن الشرك، ومن كمال رأيه وحكمته أنه لما رأى فيهما قابلية لدعوته حين احتاجا إليه في تعبير رؤياهما وقالا له: {إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٣٦)} [يوسف:٣٦]؛ رأى ذلك فرصة، فدعاهما إلى الله قبل أن يعبر رؤياهما؛ ليكون أقرب إلى حصول المطلوب، وبيّن