الحمد للَّه والصلاة والسلام على رسول اللَّه، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فهذه سيرة عَلَم من أعلام هذه الأمة، وبطل من أبطالها: صحابي جليل من أصحاب النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، نقتبس من سيرته العطرة الدروس والعبر.
هذا الصحابي كان من السابقين إلى الإسلام ممن شهد بدرًا وأُحُدًا، وكان حامل اللواء فيها، وممن هاجر الهجرتين: الأولى إلى الحبشة، والثانية إلى المدينة؛ أسلم على يديه العشرات، وكان أول سفير في الإسلام، ويقال: إنه أول من صلى الجمعة في المدينة.
إنه الشهيد البطل: مصعب بن عمير بن هشام البدري القرشي العبدري، قال ابن سعد في طبقاته: لما بلغ مصعب بن عمير أن رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يدعو إلى الإسلام في دار الأرقم بن أبي الأرقم، دخل عليه فأسلم وصدَّق به، وخرج فكتم إسلامه خوفًا من أمه وقومه؛ وكان يأتي إلى رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سرًّا، وقد أسلم في السنوات الثلاث الأولى من الدعوة قبل أن يصدع النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالدعوة، لكن الواشين من المشركين - لما علموا بإسلامه -، سارعوا إلى الوشاية به عند أمه وقومه؛ قال تعالى:{وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاء}