كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة

جـ ١ - ٣ - الكلمة المئة واثنتا عشرة: الابتلاء - ج: 3 - ص: 629

[الكلمة المئة واثنتا عشرة: الابتلاء]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:

فإن هذه الدنيا دار ابتلاء وامتحان، يبتلى فيها المؤمن بالسراء والضراء، والشدة والرخاء، والصحة والمرض، والغنى والفقر، والشهوات والشبهات، قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: ٣٥].

أي نختبركم بالمصائب تارة، وبالنعم تارة أخرى، فننظر من يشكر ومن يكفر، ومن يصبر ومن يقنط، قال ابن عباس: «{وَنَبْلُوكُمْ}: أي نبتليكم بالشر والخير، أي بالشدة والرخاء، والصحة والسقم، والغنى والفقر، والحلال والحرام، والطاعة والمعصية، والهدى والضلال» (١). ثم قال تعالى: {وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} أي: فنجازيكم على مواقفكم من هذه الأحوال، فمن وقف موقف المؤمن واتقى الله في كل حالة نال المثوبة، ومن أساء نال العقوبة.

قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الخَوْفِ وَالجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ

---

(١) تفسير ابن كثير (٣/ ١٧٨).