[الكلمة الخامسة والعشرون: وقفة مع آيتين من كتاب الله]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد:
فنقف وقفة يسيرة مع آيتين من كتاب الله، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}[الصف: ٢ - ٣].
قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا} هذا الخطاب للمؤمنين.
أولاً: لأنهم الذين تنفعهم الذكرى.
ثانيًا: لتطهيرهم وتزكيتهم من الأخلاق السيئة.
قال القرطبي:«جاء الاستفهام على جهة الإِنكار والتوبيخ على أن يقول الإِنسان عن نفسه من الخير ما لا يفعله، أما إن كان ذلك في الماضي فإنه يكون كذبًا، وأما في المستقبل فيكون ذلك إخلافًا بالوعد وكلاهما مذموم»(١). اهـ.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون: لوددنا أن الله عز وجل دلنا على أحب الأعمال إليه فنعمل به؛ فأخبر الله نبيه أن أحب الأعمال إليه: إيمان لا شك فيه وجهاد أهل معصيته، فلما نزل الجهاد كره ذلك ناس من المؤمنين، وشق ذلك عليهم، فأنزل الله الآية:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ}