للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرًا، وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَادًا، أُولَئِكَ الأَكْيَاسُ» (١).

قال الحسن البصري رحمه الله: «فضح الموت الدنيا، فلم يترك لذي لب فيها فرحًا، وما ألزم عبد قلبه ذكر الموت إلا صغرت الدنيا عليه، وهان عليه جميع ما فيها».

قال الشاعر:

لا طِيبَ للعيْشِ ما دامَت لذاتُهُ ... مُنْغَصةً بادِّكَار المَوتِ وَالهَرم

وقال عمر بن عبد العزيز: إذا غفل قلبي عن ذكر الموت ساعة فسد، وقال بعضهم: من أكثر ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضا بالكفاف، والكسل في العبادة.

والموت له سكرات وكربات، وهي تعتري كل مخلوق، وقد يهونها الله على بعض عباده، كالشهداء؛ لأن الشهيد «كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَاسِهِ فِتْنَةً»، كما في الحديث الصحيح (٢).

وقد تشدد هذه السكرات على بعض العباد تخفيفًا من الذنوب، ورحمة وزيادة في الدرجات، كالأنبياء عليهم السلام، وفي مقدمتهم خاتمهم محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه، فإنه قد لقي من الموت شدة، وهو أحب الخلق إلى الله.

ففي صحيح الإمام البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ، أَوْ عُلْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي الْمَاءِ، فَيَمْسَحُ بِهِمَا


(١) برقم (٤٢٥٩) وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (١٣٨٤).
(٢) سنن النسائي برقم (٢٠٥٣) وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي (٢/ ٤٤١) برقم (١٩٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>