للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أنواع العبادة لغير الله تعالى، كالاستغاثة بالأولياء والصالحين، أو النذر لهم، أو دعائهم من دون الله، فهؤلاء لم يحققوا معنى لا إله إلا الله، وأنه إفراد الله بالعبادة، وصرف جميع أنواعها له، وأن من صرف شيئًا منها لغيره فهو مشرك، وإن قال لا إله إلا الله، وصلى، وصام، وزعم أنه مسلم، فإن العبد لا يكون مسلمًا حقًا، ولا ينجو من الخلود في نار جهنم إلا بالإيمان الخالص الذي لا يخالطه شرك، ولا يناقضه كفر، قال تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: ٨٢]، ومن عبد الله، وعبد معه غيره لم تنفعه تلك العبادة، قال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ} [الزمر: ٦٥]، وقد ذكر أهل العلم أن معنى لا إله إلا الله يتضمن شروطًا لا يتم إلا بها.

وشروط هذه الكلمة ثمانية:

أولاً: العلم بمعناها، المراد منها، وما تنفيه، وما تثبته، قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} [محمد: ١٩].

روى مسلم في صحيحه من حديث عثمان - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» (١).

وكثير من الناس ينطق بها بلسانه، ولا يعلم شيئًا من معناها، ولهذا يقع في الشرك.

ثانيًا: اليقين المنافي للشك بأن يكون قائلها متيقنًا بما تدل عليه، فإذا كان في قلبه شك بما تدل عليه لم تنفعه، قال تعالى: {إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ


(١) برقم (٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>