للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هابوه واحترموه؛ فلما مات عمه أبو طالب نال منه المشركون أذى يسيرًا، ثم قيَّض اللَّه له الأنصار فبايعوه على الإسلام وعلى أن يتحول إلى دارهم وهي المدينة، فلما صار إليها حموه من الأحمر والأسود؛ فكلما همَّ أحد من المشركين وأهل الكتاب بسوء، كاده اللَّه ورد كيده عليه، كما كاده اليهود بالسحر فحماه اللَّه منهم، وأنزل عليه سورتي المعوذتين دواء لذلك الداء، ولما سَمَّه اليهود في ذراع تلك الشاة بخيبر، أعلمه اللَّه به وحماه منه (١). اهـ.

ومن الأمثلة على حفظ اللَّه لرسوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه قال: قال أبو جهل: هل يُعَفِّر محمد وجهه بين أظهركم؟ (٢)، قال فقيل: نعم، فقال: واللات والعزى! لئن رأيته يفعل ذلك لأَطَأَنَّ على رقبته، أو لأعَفِّرَنَّ وجهه في التراب، قال: فأتى رسولَ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يصلي، زعم لِيَطَأَ على رقبته، قال: فما فَجِئَهم منه إلا وهو يَنكِصُ على عقبيه (٣)، ويتقي بيديه، قال فقيل له: ما لك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقًا من نار وهَوْلاً وأجنحةً. فقال رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «لَو دَنَا مِنِّي لَاختَطَفَتهُ المَلَائِكَةُ عُضوًا عُضوًا» (٤).

ومنها ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي بكر الصديق رضي اللهُ عنه في قصة الهجرة النبوية، قال: فارتَحَلنا بعدما مالت الشمس، واتَّبَعَنا


(١) تفسير ابن كثير (٥/ ٢٩١).
(٢) أي يسجد ويلصق وجهه بالعفر وهو التراب.
(٣) أي رجع يمشي إلى ورائه.
(٤) ص: ١١٢٥، برقم ٢٧٩٧؛ وصحيح البخاري: ص: ٩٨٤، برقم ٤٩٥٨، مختصرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>