للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سراقةُ بن مالك، فقلت: أُتِينا يا رسول اللَّه، فقال: «لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا»، فدعا عليه النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فارتَطَمَت به فرسه إلى بطنها - أُرى - في جَلَدٍ من الأرض - شك زهير - فقال: إني أراكما قد دعوتُما عَلَيَّ، فادعُوَا لي، فاللَّه لكما أن أردَّ عنكما الطلب، فدعا له النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فنجا، فجعل لا يلقَى أحدًا إلا قال: قد كَفَيتُكم ما هنا، فلا يلقَى أحدًا إلا ردَّه، قال: ووَفَى لنا (١).

ومنها ما رواه مسلم في صحيحه من حديث سلمة بن الأكوع رضي اللهُ عنه قال: غزونا مع رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حُنينًا، فلما واجَهْنا العدوَّ تقدَّمتُ فأَعلُو ثنيَّةً، فاستقبلني رجل من العدو فأرميه بسهم، فتوارى عني فما درَيتُ ما صنع! ونظرتُ إلى القوم فإذا هم قد طلَعوا من ثنيَّةٍ أخرى، فالتَقَوا هم وصحابة النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فولَّى صحابة النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأَرجِع منهزِمًا وعَلَيَّ بُردَتان مُتَّزِرًا بإحداهما مُرتديًا بالأخرى، فاستطلق إزاري فجمعتُهما جميعًا، ومررتُ على رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم منهزمًا وهو على بغلته الشهباء، فقال رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «لَقَد رَأَى ابنُ الأَكوَعِ فَزَعًا» فلما غَشُوا رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نزل عن البغلة، ثم قبض قبضة من تراب من الأرض، ثم استقبل به وجوههم، فقال: «شَاهَتِ الوُجُوهُ»؛ فما خلق اللَّه منهم إنسانًا إلا ملأ عينيه ترابًا بتلك القبضة، فوَلَّوا مدبرين، فهزمهم اللَّه عزَّ وجلَّ، وقسم رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غنائمهم بين المسلمين (٢).


(١) ص: ٦٩١، برقم ٣٦١٥؛ وصحيح مسلم: ص: ١٢٠٦، برقم ٢٠٠٩ مختصرًا، وفي كتاب الزهد مطولاً.
(٢) ص: ٧٣٩، برقم ١٧٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>