للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستشيرهم فيها، فبعد الرسول صلى الله عليه وسلم يرجع إلى أهل العلم الصحيح وليس العلم المزيف أو العلم المدعى أو التسمي بالعلم، أو الثقافة كما يسمونها أو المفكر الإسلامي فلان، أو من كان حاصلًا على شهادة دراسية، ليس هذا من أهل الفتوى. فالذي يتولَّى الفتوى ويصدرها هو العالم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم المطلع على أقوال العلماء ليختار منها ما قام عليه الدليل، ولا يفتي إلا عند الحاجة قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُون} [النحل: ٤٣]. وأهل الذكر هم العلماء، والذكر هو الوحي» (١).

أما الفتوى فإن خطرها عظيم، قال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُون} [النحل: ١١٦].

قال الشافعي: «ليس لأحد أن يقول في شيء حلال ولا حرام إلا من جهة العلم، وجهة العلم ما نص في الكتاب، أو في السنة، أو في الإجماع، أو القياس على هذه الأصول، وما في معناها، قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلَالاً قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُون * وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُون} [يونس: ٥٩ - ٦٠]» (٢).

قال ابن كثير: «وقد أنكر الله تعالى على من حرم ما أحل الله،


(١) آداب المفتي والمستفتي، للشيخ صالح الفوزان (ص: ١٢ - ١٣)، أعدها للنشر: فهد ابن إبراهيم الفعيم.
(٢) جامع بيان العلم وفضله، لابن عبد البر (٢/ ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>