للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه إشارة إلى أن صلاح حركات العبد بجوارحه واجتنابه للمحرمات واتقائه للشبهات بحسب صلاح قلبه، فإن كان قلبه سليمًا ليس فيه إلا محبة اللَّه ومحبة ما يحبه اللَّه وخشية اللَّه وخشية الوقوع فيما يكرهه، صلحت حركات الجوارح كلها، ونشأ عن ذلك اجتناب المحرمات كلها، وتوقي الشبهات حذرًا من الوقوع في المحرمات، وإن كان القلب فاسدًا قد استولى عليه اتباع هواه، وطلب ما يحبه ولو كرهه اللَّه، فسدت حركات الجوارح كلها، وانبعثت إلى كل المعاصي والشبهات بحسب اتباع هوى القلب؛ ولهذا يقال: القلب ملك الأعضاء وبقية الأعضاء جنوده وهم مع هذا جنود طائعون له، منبعثون في طاعته وتنفيذ أوامره يتابعونه في كل شيء من ذلك، فإن كان الملك صالحًا كانت هذه الجنود صالحة، وإن كان فاسدًا كانت جنوده بهذه المثابة فاسدة، ولا ينفع عند اللَّه إلا القلب السليم، كما قال تعالى: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُون (٨٨) إِلَاّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم (٨٩)} [الشعراء]. وكان النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول في دعائه: «أَسأَلُكَ قَلبًا سَلِيمًا» (١). فالقلب السليم هو السالم من الآفات والمكروهات كلها، وهو القلب الذي ليس فيه سوى محبة اللَّه وما يحبه اللَّه، وخشية اللَّه وخشية ما يباعد منه (٢).

والقلوب تنقسم إلى ثلاثة أقسام: قلب سليم، وقلب ميت، وقلب مريض.


(١) جزء من حديث في مسند الإمام أحمد (٢٨/ ٣٣٨) برقم ١٧١١٤، وقال محققوه: حديث حسن بطرقه.
(٢) جامع العلوم والحكم/ لابن رجب، ص: ٩٤ - ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>