للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي الدرداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله عز وجل: {لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ} [يونس: ٦٤]؛ قال: «هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا المُسلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ» (١).

وروى الترمذي في سننه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ تَكْذِبُ، وَأَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا، وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ» (٢).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ» أي في آخر الزمان وذلك عند كثرة الفتن، وغربة الدين، وشدة الحاجة إلى المبشرات التي تطمئن بها قلوب المؤمنين، ولذلك قال: «لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا المُؤْمِنِ» فهي خاصة بالمؤمنين.

وقوله: «جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ»؛ قال بعض أهل العلم: إن مدة النبوة ثلاثة وعشرون سنة منها: نصف سنة، الوحي فيها رؤيا يراها النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم؛ فيكون ذلك جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة، وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَاّ جَاءَتْهُ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ (٣).

وقوله - صلى الله عليه وسلم - في آخر الحديث السابق: «أَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا»، دليل على أهمية الصدق، وأن أصدق الناس كلامًا هو أصدقهم رؤيا.

وأما أقسام الرؤيا فهي ثلاثة، روى الترمذي في سننه من حديث


(١) مسند الإمام أحمد (٤٥/ ٥٠٢) برقم (٢٧٥٠٩)، وقال محققوه: صحيح لغيره.
(٢) سنن الترمذي برقم (٢٢٧٠)، وقال: هذا حديث صحيح، وأصله في الصحيحين.
(٣) صحيح البخاري برقم (٦٩٨٢)، وصحيح مسلم برقم (١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>