مشاهداً له فلا حاجة حينئذ للاستدلال، قال تعالى: {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِين (٧)} [التكاثر].
الثالث: حق اليقين وهي منزلة الرسل عليهم الصلاة والسلام فقد رأى نبينا محمد صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعينيه الجنة والنار وكلم اللَّه موسى بلا واسطة أما بالنسبة لنا فإن حق اليقين يتأخر إلى وقت اللقاء.
ومما يوضح ذلك أن يخبرك شخص أن عنده عسلاً وأنت لا تشك في صدقه فهذا علم اليقين، فإذا أراك إياه فازددت يقيناً فهذا عين اليقين، فإذا ذقت منه فهذا حق اليقين، فعلمنا الآن بالجنة والنار علم اليقين، فإذا أُزلفت الجنة للمتقين وشاهدها الخلائق وبرزت الجحيم للغاوين وعاينها الخلائق فذلك عين اليقين، فإذا أُدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار فذلك حينئذ حق اليقين (١)، قال تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِين (٤٤)} [الأعراف]. قال ابن القيم رحمه الله: إذا تزوج الصبر باليقين ولد بينهما حصول الإمامة في الدين، قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُون (٢٤)} [السجدة]. وقد خص سبحانه وتعالى أهل اليقين بالانتفاع بالآيات والبراهين فقال: {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِين (٢٠)} [الذاريات]. وخص أهل اليقين بالهدى والفلاح من بين العالمين