للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: في الآخرة حيث تُوَفَّى كل نفس ما عملت ويدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، قال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُون (١٢)} [السجدة]. وقال تعالى: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَاتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُون (٥٥) أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ} [الزمر: ٥٥ - ٥٦]. قال ابن كثير رحمه الله: أي يوم القيامة يتحسر المجرم المفرط في التوبة والإنابة ويود لو كان من المحسنين المخلصين المطيعين للَّه عزَّ وجلَّ (١). وفي الصحيحين في قصة الكبش الذي يذبح بين الجنة والنار ويقال: يَا أَهلَ الجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوتَ، وَيَا أَهلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوتَ، ثم قرأ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قوله تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُون (٣٩)} [مريم]، وأشار بيده إلى الدنيا (٢).

فعلى العاقل أن يغتنم أيام حياته فما يدريه لعله لم يبق له منها إلا يسير.

قال القاضي ابن أبي عصرون:

أُؤملُ أَنْ أَحْيَا وفِي كلِّ ساعةٍ

تَمرُّ بِيَ المَوْتَى تَهُزُّ نُعُوشُها

ومَا أَنَا إلا مِنْهُم غَيْرَ أَنْ لِيَ

بَقايَا ليالٍ فِي الزمانِ أعيشُها

قال ابن القيم رحمه الله: «ما مضى من الدنيا أحلام وما بقي منها


(١) تفسير ابن كثير (١٢/ ١٤٥).
(٢) ص: ٩١٤ برقم ٤٧٣٠، وصحيح مسلم ص: ١١٤٤ برقم ٢٨٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>