للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن آثار الإيمان بهذا الاسم العظيم:

أولاً: إن اللَّه تعالى شأنه هو الغني بذاته الذي له الغنى التام من جميع الوجوه لكماله وكمال صفاته فبيده خزائن السماوات والأرض وخزائن الدنيا والآخرة فالرب غني لذاته والعبد فقير لذاته محتاج إلى ربه لا غنى له عنه طرفة عين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

والفَقْرُ لي وَصْفُ ذَاتٍ لَازمٍ أبداً ... كَمَا أَنَّ الغِنَى أَبداً وَصْفٌ لَهُ ذَاتِي (١)

روى الإمام أحمد في مسنده من حديث بسر بن جحاش أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَصَقَ يَوْمًا فِي كَفِّهِ فَوَضَعَ عَلَيْهَا أُصْبُعَهُ، ثُمَّ قَالَ: «قَالَ اللَّهُ: ابْنَ آدَمَ، أَنَّى تُعْجِزُنِي، وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ، حَتَّى إِذَا سَوَّيْتُكَ وَعَدَلْتُكَ، مَشَيْتَ بَيْنَ بُرْدَيْنِ وَلِلْأَرْضِ مِنْكَ وَئِيدٌ (٢)، فَجَمَعْتَ وَمَنَعْتَ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (٣)، قُلْتَ: أَتَصَدَّقُ، وَأَنَّى أَوَانُ الصَّدَقَةِ» (٤).

فأكمل الخلق أكملهم عبودية وأعظمهم شهوداً لفقره وضرورته وحاجته إلى ربه وعدم استغنائه عنه طرفة عين ولهذا كان من دعائه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أَصْلِحْ لِي شَانِي كُلَّهُ، وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ» (٥).


(١) طريق الهجرتين لابن القيم ص: ٧.
(٢) الوئيد صوت شدة الوطء على الأرض، أي مشيت متكبراً وتركت النظر في أصلك وفي أمر خالقك.
(٣) التراقي عظام بين ثغرة النحر والعاتق.
(٤) (٢٩/ ٣٨٥) برقم ١٧٨٤٢، وقال محققوه: إسناده حسن.
(٥) جزء من حديث أخرجه أبو داود ص: ٥٤٩ برقم ٥٠٩٠، وصححه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع الصغير برقم ٣٣٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>