للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتعل، ولا ركب المطايا، ولا ركب الكُور (١) بعد رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أفضل من جعفر بن أبي طالب (٢)، يعني في الجود والكرم.

وقد كانت لهذا الصحابي مواقف بطولية تدل على شجاعته العظيمة ونصرته لهذا الدين، فمن تلك المواقف العظيمة أنه بعد رجوعه من هجرته من الحبشة التي دامت عشر سنين بعيداً عن أهله ووطنه، كان النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِتَوِّهِ قد انتهى من فتح خبير ففرح بقدومه كثيراً، لكن هذه الفرحة لم تستمر طويلاً فالأعمال كثيرة، والوقت قصير، فقد أرسله النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مع جيش المسلمين المتجه إلى الشام لقتال الروم، وكان عددهم ثلاثة آلاف مقاتل وأمر عليهم زيد بن حارثه، فإن قتل فجعفر بن أبي طالب فإن قتل فعبد اللَّه بن رواحة وبدأت المعركة، ونظراً لعدم التكافؤ بين جيش المسلمين وعدوهم، فقد أظهر المسلمون بطولات وتضحيات عظيمة، ففي بداية المعركة وبعد قتال شديد قتل زيد بن حارثة فأخذ الراية جعفر بن أبي طالب فعقر جواده، وكان فارساً من فرسان العرب، قال ابن اسحاق: هو أول من عقر في الإسلام (٣) فجعل ينشد هذه الأبيات.

يا حبّذا الجنّةُ واقترابُها ... طَيِّبةٌ وباردٌ شرابُها

والرومُ رومٌ قَد دَنا عذابُها ... عَلَيَّ إذ لاقيتُها ضِرَابُها

وكان يمسك الراية بيده اليمنى فقطعوا يده اليمنى، فأمسك الراية


(١) والكور الرحل الذي في الناقة.
(٢) ص: ٥٨٦ برقم ٣٧٦٤ وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(٣) السيرة النبوية (٣/ ٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>