ثالثاً: أن اللَّه قد أنكر على المشركين الذين ظنوا أن اللَّه لا يسمع السر والنجوى. روى البخاري ومسلم من حديث عبد اللَّه بن مسعود قال: اجتمع عند البيت قرشيان وثقفي أو ثقفيان وقرشي كثيرةٌ شحم بطونهم قليلة فقه قلوبهم، فقال أحدهم: أترون أن اللَّه يسمع ما نقول؟ قال الآخر: يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا، وقال الآخر: إن كان يسمع إذا جهرنا، فإنه يسمع إذا أخفينا، فأنزل اللَّه عزَّ وجلَّ:{وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ}[فصلت: ٢٢] الآية (١). وكذا قوله تعالى:{أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم}[الزخرف: ٨٠].
رابعاً: إذا علم العبد أن ربه يسمع كل شيء لا تخفى عليه خافية فيسمع حركاته وسكناته حمله ذلك الاعتقاد على المراقبة للَّه سبحانه في جميع الأحوال وفي جميع الأمكنة والأزمنة، فيمسك عن كل قول لا يُرضي ربه، ويحفظ لسانه فلا يتكلم إلا بخير، قال تعالى:{وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}[طه: ٧].
خامساً: أن اللَّه هو السميع الذي يسمع المناجاة ويجيب الدعاء عند الاضطرار ويكشف السوء ويقبل الطاعة، وقد دعا الأنبياء والصالحون بهذا الاسم ليقبل منهم طاعتهم ويستجيب لدعائهم فإبراهيم وإسماعيل قالا: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم (١٢٧)} [البقرة]. ودعا زكريا أن يرزقه اللَّه ذرية صالحة: {قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء (٣٨)} [آل عمران]. فاستجاب اللَّه