للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (٤)}: أي: تحدث بما عمل العاملون على ظهرها، قوله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (٥)}: قال ابن عباس: أوحى لها أي أوحى إليها، قال ابن كثير: والظاهر أن هذا مضمن لمعنى أذن لها، وقال ابن عباس: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (٤)} قال: قال ربها: قولي، أي تكلمي بما حصل عليك من خير أو شر (١).

قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا}: أي يخرجون إلى موقف الحساب أشتاتاً: أي أنواعاً وأصنافاً ما بين شقي وسعيد، قال تعالى: {لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُم (٦)}: أي ليجازوا بما عملوا في الدنيا من خير أو شر، ولهذا قال: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه (٧) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه (٨)}.

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «الخَيلُ لِثَلَاثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجرٌ، وَلِرَجُلٍ سِترٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزرٌ» ثم سئل في آخر الحديث عن الحُمُر قال: «مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ فِيهَا إِلَّا هَذِهِ الآيَةَ الفَاذَّةَ الجَامِعَةَ {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه (٧) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه (٨)(٢).

والذرة هي أصغر النمل، فالنبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بين في هذا الحديث أن هذه السورة جامعة ومبينة للخير والشر فمن عمل خيراً أراد به وجه اللَّه أُثيب عليه، ومن عمل شراً عوقب عليه يوم القيامة، وفي


(١) تفسير ابن كثير (١٤/ ٤٢٨ - ٤٢٩).
(٢) ص: ١٤٠١ برقم ٧٣٥٦، وصحيح مسلم برقم ٩٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>