{وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا (٢٩)} [الكهف]. وقال تعالى: {وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُم (١٥)} [محمد]. وقال تعالى: {يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيم (١٩) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُود (٢٠)} [الحج]. فمن كان حاله كذلك فإنهم لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً يطفئ حرارة بطونهم، قال بعض السلف:
عَجِبْتُ للنارِ كَيْفَ نَامَ هَارِبُهَا
وَعَجِبْتُ للجنَّةِ كيفَ نامَ طالِبُها
قوله تعالى: {إِلَاّ حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (٢٥)}: الحميم هو الماء الحار الذي انتهى حره وحموه.
وغساقاً: هو شراب منتن الرائحة شديدة البرودة، قال جمع من المفسرين: هو ما اجتمع من صديد أهل النار وعرقهم ودموعهم وجروحهم فهو بارد لا يستطاع من برده ولا يواجه من نتنه فهم يذوقون العذاب من ناحيتين الحرارة، والثاني البرودة فإذا اجتمعت الحرارة والبرودة كان ذلك زيادة في مضاعفة العذاب عليهم، قال تعالى: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاق (٥٧) وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاج (٥٨)} [ص: ]. أي ولهم أصناف وألوان من العذاب نسأل اللَّه العافية.
قوله تعالى: {جَزَاء وِفَاقًا (٢٦)}، يقول تعالى: هذا العقاب الذي عوقب به الكفار في الآخرة فعله بهم ربهم جزاء لهم على أفعالهم وأقوالهم السيئة التي كانوا يعملونها في الدنيا، {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (٣١)} [النجم].
قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (٢٧)}: أي لا يؤملون أن