وسأل رجل الشافعي رحمه الله فقال: «يا أبا عبد اللَّه أيهما أفضل للرجل أن يُمكنَ فيشكر اللَّه عزَّ وجلَّ، أو يُبتلى فيصبر؟ فقال الشافعي: لا يُمكن حتى يُبتلى، فإن اللَّه ابتلى نوحاً وإبراهيم ومحمداً صلوات اللَّه عليهم أجمعين فلما صبروا مكنهم اللَّه، فلا يظن أحد أن يخلص من الألم البتة، قال تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}[النور: ٥٥].
تاسعاً: أن اليهود قد أصابهم القتل والجراح والرعب والخوف رغم تفوقهم في القوة العسكرية وذلك مصداق قول اللَّه تعالى: {إِن تَكُونُوا تَالَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَالَمُونَ كَمَا تَالَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لَا يَرْجُونَ (١٠٤)} [النساء: ١٠٤]. وقال تعالى:{إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ}[آل عمران: ١٤٠]. قال ابن كثير: أي إن كنتم قد أصابتكم جراح، وقُتل منكم طائفة، فقد أصاب أعداءكم قريب من هذا من قتل وجراح، وتلك الأيام نداولها بين الناس، أي نديل عليكم الأعداء تارة وإن كانت لكم العاقبة لما لنا في ذلك من الحكمة (١). اهـ.
ولا يستوي الفريقان، قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار، واللَّه مولانا ولا مولى لهم.