للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسِيرًا (٨) ! فقال رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إِنَّمَا ذَلِكِ الْعَرْضُ وَلَيْسَ أَحَدٌ يُنَاقَشُ الْحِسَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا عُذِّبَ» (١).

قال النووي في شرحه للحديث: «معنى نوقش الحساب: استقصي عليه، قال القاضي: وقوله: «عُذِّب» له معنيان، أحدهما أن نفس المناقشة وعرض الذنوب والتوقيف عليها هو التعذيب لما فيه من التوبيخ، والثاني أنه مفض إلى العذاب بالنار، ويؤيده قوله في الرواية الأخرى: «هَلَكَ» مكان «عُذِّبَ» هذا كلام القاضي وهذا الثاني هو الصحيح ومعناه: أن التقصير غالب في العباد، فمن استقصى عليه ولم يسامح هلك ودخل النار، ولكن اللَّه تعالى يعفو ويغفر ما دون الشرك لمن يشاء» (٢).

ونقل ابن حجر عن القرطبي في معنى قوله: «إِنَّمَا ذَلِكِ الْعَرْضُ»، قال: إن الحساب المذكور في الآية إنما هو أن تعرض أعمال المؤمن عليه حتى يعرف منة اللَّه عليه في سترها عليه في الدنيا وفي عفوه عنها في الآخرة (٣). اهـ.

واللَّه تعالى يحاسب كل إنسان بمفرده، قال تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُون (٢٤)} [الصافات]. روى مسلم في صحيحه من حديث عدي بن حاتم رضي اللهُ عنه أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا


(١) ص: ١٢٥٢ برقم ٦٥٣٧، وصحيح مسلم ص: ١١٥٣ برقم ٢٨٧٦.
(٢) شرح صحيح مسلم للنووي (٦/ ٢٠٨ - ٢٠٩).
(٣) فتح الباري (١١/ ٤٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>