للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله تعالى: {لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَاّ قَلِيلاً}، أي إلا زماناً قليلاً إذ لا يسكنها إلا المارة يوماً أو بعض يوم، وبقيت شاهدة على مصرع أهلها وفنائهم وعبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

قوله تعالى: {وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِين (٥٨)} أي: منهم إذ لم يخلفهم أحد يتصرف تصرفهم في ديارهم وأموالهم بل كان اللَّه وحده الوارث لديارهم وأموالهم، كما قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُون (٤٠)} [مريم].

قال أبو البقاء الرندي:

أَيْنَ الملوكُ ذوو التيجانِ مِنْ يَمَنٍ ... وأين منهم أكاليلُ وتيجانُ؟

وأين ما شادَه شدادُ في إرمٍ؟ ... وأين ما سَاسَهُ في الفرسِ ساسانُ؟

وأَيْنَ ما حَازَه قارونُ من ذهبٍ ... وأَيْنَ عادٌ وشدادٌ وقحطانُ؟

أتى على الكلِّ أمرٌ لا مردَّ لهُ ... حتى قَضَوا فكأن القومَ ما كانُوا

وصارَ ما كانَ مِن مُلكٍ ومِنْ مَلِكٍ ... كَمَا حَكَى عَنْ خَيالِ الطَّيفِ وَسنَانُ

ثالثاً: حث اللَّه عباده المؤمنين على النفقة في سبيله وذكرهم أنهم مستخلفون فيما عندهم من الأموال لا يملكونها حقيقة وإنما المال مال اللَّه، قال تعالى: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِير (٧)} [الحديد]. روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «يَقُولُ الْعَبْدُ: مَالِي مَالِي، إِنَّمَا لَهُ مِنْ مَالِهِ ثَلَاثٌ: مَا أَكَلَ فَأَفْنَى، أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى،

<<  <  ج: ص:  >  >>