للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلقنا كما نريد بلا مانع ولا مدافع، لنا الحكمة البالغة والحجة التامة، وهكذا يعطي النبوة لمن يريد. قال سبحانه: {اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: ١٢٤] (١). اهـ.

قوله تعالى: {بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: ٢٦].

قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي: أي الخير كله منك ولا يأتي بالحسنات والخيرات إلا الله، وأما الشر فإنه لا يضاف إلى الله لا وصفًا ولا اسمًا، ولكنه يدخل في مفعولاته ويندرج في قضائه وقدره؛ فالخير والشر داخل في القضاء والقدر فلا يقع في ملكه إلا ما شاءه، ولكن لا يضاف إلى الله، فلا يقال: بيدك الخير والشر ولكن بيدك الخير كما قال الله، وقال رسوله. اهـ (٢).

روى مسلم في صحيحه من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دعائه في قيام الليل أنه كان يقول: «وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ» (٣). تأدبًا مع الله تعالى.

ومن فوائد الآيتين الكريمتين:

أولاً: ما نقله ابن كثير في تفسيره أن فيها تنبيهًا وإرشادًا إلى شكر نعمة الله تعالى على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهذه الأمة؛ لأن الله تعالى حول النبوة من بني إسرائيل إلى النبي العربي القرشي الأُمي المكي خاتم الأنبياء على الإِطلاق، ورسول الله إلى الثقلين، الذي جمع الله فيه محاسن من كان قبله، وخصه بخصائص لم يعطها نبيًا من الأنبياء ولا رسولاً، من العلم بالله وشريعته، وإطلاعه على الغيوب الماضية والآتية، وكشفه له


(١) تفسير ابن كثير (٣/ ٤١ - ٤٢).
(٢) تفسير ابن سعيد (ص: ٤٠١).
(٣) صحيح مسلم برقم (٧٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>