للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيم (٦٩)} [الأنبياء: ٦٩]. قال أبو العالية: لو لم يقل سلاماً لكان بردها أشد عليه من حرها (١)، وقال ابن عباس رضي اللهُ عنهما: لَو لَم يُتْبِع بَردُهَا سَلَاماً لَمَاتَ إِبرَاهِيمُ مِن شِدَّةِ بَردِهَا (٢).

وهذا يشبه ما حدث لإخواننا في غزة عندما حاصرهم اليهود بَرّاً وبحراً وجوّاً، وساعدهم النصارى والمنافقون وضيقوا عليهم الخناق، فقالوا: لن نركع ولا نستسلم إلا لله، حسبنا الله ونعم الوكيل، فكانت العاقبة للمؤمنين، ورد الله كيد اليهود في نحورهم ورجعوا خائبين لم يحققوا شيئاً مما أرادوا.

٢ - أن الله تعالى قذف في قلوب المشركين الرعب، حين سمعوا أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم وأصحابه خرجوا لملاحقتهم، فانهزموا وعادوا خائبين.

والرعب من أقوى أسباب النصر، قال صلى اللهُ عليه وسلم: «نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ» (٣). وقد اختلف أهل العلم هل هو خاص بالرسول صلى اللهُ عليه وسلم أو يشمل ما يحصل لأعداء أتباعه إلى يوم القيامة، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: وإذا كان الرعب يُلقى في قلوب الذين كفروا لإشراكهم، قال تعالى: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَاوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِين (١٥١)} [آل عمران: ١٥١]. فإن الأمن يُلقى في قلوب الذين آمنوا لتوحيدهم، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ


(١) تفسير ابن جرير (٧/ ٥٧١٣).
(٢) المصدر السابق.
(٣) قطعة من حديث في صحيح البخاري برقم ٣٣٥ وصحيح مسلم برقم ٥٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>