للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيطان، فإنه يُورِدُكُم موارِدَ العَطَبِ» (١).

ومن شره أنه يوسوس للعبد، قال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس (١) قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس (٢) إِلَهِ النَّاس (٣) مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاس (٤) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاس (٥)} [الناس: ١ - ٥]. فذكر وسوسته أولاً ثم ذكر محلها ثانياً وأنها في صدور الناس.

والوسوسة أظهر صفات الشيطان، وأشدها شراً، وأقواها تأثيراً، وهي أصل كل معصية وبلاء، روى أبو داود في سننه من حديث ابن عباس رضي اللهُ عنهما قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَحَدَنَا يَجِدُ فِي نَفْسِهِ يُعَرِّضُ بِالشَّيْءِ لَأَنْ يَكُونَ حُمَمَةً (٢) أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، فَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيْدَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ» (٣).

ولهذا يعرض للناس في صلاتهم ليفسد عليهم عبادتهم، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: «إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ، أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ، حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّاذِينَ فَإِذَا قَضَى النِّدَاءَ أَقْبَلَ، حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ، حَتَّى إِذَا قَضَى التَّثْوِيبَ أَقْبَلَ، حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ اذْكُرْ كَذَا اذْكُرْ كَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ، حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى؟ » (٤).


(١) شرح السنة للبغوي رحمه الله (١٤/ ٤٠٤).
(٢) حُممه: أي فحماً.
(٣) برقم ٥١١٢ وصححه الألباني في سنن أبي داود (٣/ ٩٦٢) برقم ٤٢٦٤.
(٤) برقم ٦٠٨ وصحيح مسلم برقم ٣٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>