للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يريد، حكيماً فيما يقضيه، ثم لما ذكر تعالى حال الأشقياء ذكر حال السعداء، فقال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}: أي الذين آمنوا بمحمد صلى اللهُ عليه وسلم، والقرآن، وجملة الكتب المرسلة، وبالقدر خيره وشره، وأطاعوا ربهم سندخلهم جنات، وهي البساتين الجامعة للأشجار تجري من تحتها الأنهار، أنهار الخمر واللبن والماء والعسل، {خَالِدِينَ}: أي مقيمين في الجنة لا يموتون ولا يخرجون منها، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِير} [البروج: ١١].

وقوله: {لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ}: قال جمع من المفسرين: المطهَّرَة من طهرت من الحيض، والبول، والنفاس، والغائط، والمخاط، والبصاق، وكل قذر وأذى مما يكون في نساء الدنيا (١). وفي صحيح البخاري من حديث أنس بن مالك رضي اللهُ عنه أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: «ولَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلَأَتْهُ رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا - يعني الخمار - عَلَى رَاسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» (٢).

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي موسى الأشعري رضي اللهُ عنه أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: «إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ فِي الْجَنَّةِ لَخَيْمَةً، مِنْ


(١) تفسير ابن كثير (١/ ٦٣).
(٢) برقم ٢٧٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>